بغداد تايمز
الكاتب الدكتور محمد المعموري
لم تكن ثورة الحسين ثورة حدثت في زمن وانتهت بل كانت ثورة الحسين وما زالت تحمل في معانيها أسمى آيات العبر وتحكي قصة من ثار على حاكم مستبد لا طلب لجاه أو طمع في منصب لكن كانت ثورته لنصرة دين الإسلام وتصحيح المسار ليكون الدين لله وتكون عبادة الله خالصة في زمن دخلت وخرجت على دين محمد صلوات الله عليه وآله ثقافات كادت تحرفه عن مساره لولا حفظ الله له ومن ثم ما جاء به الحسين من تعزيز لركائز الإسلام في ثورة باقية إلى يوم القيامة.
ولو تصفحنا صفحات التاريخ فإننا سنجد ثورات منها من كان للإصلاح السياسي أو الاقتصادي وربما طمع وطلب للسلطان، وجميع تلك الثورات تلاشت وانتهت وأكلت الثورة رجالها وانتهى ذكرها ربما بعد عقد أو عقدين من الزمان لآنها ثورات تماشت مع قوانين الأرض ولأن من قادها لم يكونوا من المصلحين ولأن ثورة الحسين تختلف عن تلك الثورات لذلك استمرت وستستمر إلى يوم الدين.
وربما أجمل ما تتميز به ثورة الحسين بما يلي:
1. ثورة الحسين جاءت لتثور على حكم استبدادي حرف واحترف في تغير مفاهيم الإسلام وأولها توريث الحكم لمن هم ليسوا أهلا له.
2. كانت ثورة الحسين ثورة من أجل إحقاق الحق وكسر الباطل وأعوانه وتركيز قيم الإسلام الصحيحة ومنع الحكام من التلاعب في مقدرات الشعوب وتحريف ما جاء به دين محمد “صلوات الله عليه وعلي إله وسلم”.
3. لم تكن ثورة الحسين طلبا لمال ولا جاه ولا منصب لأن الحسين يمتلك كل تلك المقومات ولكنه كان ثائرا ومصلحا من أجل دين جده.
أما ولأنه مصلح فقد أصبح على الحسين أمران مهمان اولهما الثورة وثانيهما الإصلاح كون أصعب ما يواجه الثائرون هو الإصلاح قبل الثورة وبعدها لذلك فإن جميع الثورات تبدأ فتنتهي إلى ثورة ولا تجد في مفاهيمها الإصلاح إلا ثورة الحسين فإنها بدأت بالإصلاح وعملت به ثم استمرت تصلح المسلمين حتى بعد استشهاد قائدها الشهيد الحسين لا منه كما ذكرت ثورة تمتد جذورها بعمق الدين الإسلامي ولأن من فجرها هو سبط نبينا المختار “صلوات الله عليه وعلي إله وسلم”.
أما العبرة من ثورة الحسين فهي ان لا نهادن الحكام وان كنا ذوي جاه ومال لأن الوقوف بوجه الحكام المستبدين الذين يحرفون دين الله وتكون سيوفهم مسلطة على رقاب عباد الله هو حقا الجهاد في سبيل الله، والحق أن نثور ضدهم حتى وإن دفعنا ذلك حياتنا ثمنا لهذا الأمر فإن الحسين بن رسول الله قد سبقنا وأنه ذو الجاه بين قومه فإنه يمتلك نسبا ليس لأحد سواه فهو ابن علي المجتبى وابن فاطمة البتول سيدة نساء العالمين وجده الرسول العدنان محمد صلوات الله عليه وعلي إله وأخوه الحسن المجتبى فمن يمتلك هذا الجاه سواه لكنه أبى إلا أن يحق الحق وأن يساهم في إزهاق الباطل بالاتكال والتوفيق من الله -سبحانه وتعالى- وتلك كانت رسالته صلوات ربي عليه وسلامه.
ولمن يسال لماذا استمرت ثورة الحسين في وجدان المسلمين فإن إجاباتها واضحة وان مقوماتها موجودة وذلك لأن المسلمين بحاجة إلى مصلح وثائر يمتلك مقومات الحسين ليغير واقع المسلمين فإننا اليوم نرى المسلمين في أسوء حالاتهم يحرق قرانهم أمام عيون الملأ ويتجاوز على حرماتهم ويقتل شبابهم وتنتهك أعراضهم ونجد بعض حكام العرب لا زالوا ينددون وبعدها كل لسان يقفل عليه ليكون المسلمون هم المستضعفون.
لذلك فإننا نصرخ (واه حسبناه ) ونهتف أبو الشهداء ونرفع الإعلام وننصب المأتم ونزحف إلى كربلاء حاملين مبادئ أبي الشهداء ولا يوم كيوم الحسين.