مدير عام الوكالة ورئيس التحرير
علي محسن الفرهود

الطائفية السياسية في العراق: وصفة لتقسيم البلاد

  • 44 مشاهدة
  • 3 أسابيع مضت

بغداد تايمز

كتب : محمد عبدالعزيز الخزاعي

في الآونة الأخيرة، طُرح مجددًا خطاب يدعو إلى تشكيل “الحزب الشيعي العراقي”، وهو طرح يحمل في طياته خطرًا كبيرًا على مستقبل العراق، لأنه يعيد إنتاج الأزمة بدلاً من معالجتها، ويهدد وحدة البلاد عبر تعميق الانقسامات الطائفية. هذا الطرح الذي جاء به أحد الاعلاميين في العراق ليس سوى امتداد لمشاريع فاشلة سابقة، مثل “البيت الشيعي” في لندن، ثم “البيت السني”، و”البيت الكردي”، والتي لم تنتج إلا مزيدًا من الانقسام السياسي والاجتماعي، وأضعفت الدولة بدلًا من بنائها.

 

فشل الأحزاب في الحكم ومحاولة الهروب إلى الطائفية

 

إن السبب الحقيقي وراء هذا الطرح ليس الحرص على مصالح الشيعة، بل هو محاولة واضحة للهروب من الفشل السياسي والإداري الذي تعاني منه الأحزاب الشيعية الحاكمة منذ 2003. فعلى مدار أكثر من عقدين، لم تقدم هذه الأحزاب نموذجًا ناجحًا للحكم، بل كرّست الفساد، وأغرقت العراق في الصراعات الداخلية، مما جعل الشيعة أنفسهم أول المتضررين من غياب التنمية وسوء الخدمات والتبعية للخارج.

 

وبدلًا من مواجهة هذا الفشل بشجاعة، والمضي نحو إصلاح جذري، تحاول هذه القوى السياسية إعادة إنتاج نفسها عبر تأجيج الخطاب الطائفي، وإيهام الشارع بأن الحل يكمن في حزب شيعي جديد، متناسيةً أن المشكلة ليست في عدد الأحزاب، بل في الرؤية السياسية المفقودة، وفي غياب مشروع وطني حقيقي ينهض بالعراق ككل.

 

خطر الطرح على وحدة العراق

 

إذا استمر هذا النهج، فإن المستقبل لن يكون إلا استمرارًا للفوضى والضعف السياسي، حيث ستظل الأحزاب الشيعية نفسها منقسمة ومتصارعة فيما بينها، وسيفقد المواطن الشيعي ثقته بها أكثر، كما ستزداد الفجوة مع بقية المكونات العراقية، مما يجعل البلاد أكثر عرضة للتدخلات الخارجية وأقل قدرة على بناء دولة مستقرة.

 

ما يطرحه الإعلامي اليوم ليس إصلاحًا سياسيًا، بل وصفة جاهزة لتقسيم العراق، لأن تأطير الحكم بمنطق طائفي سيؤدي حتمًا إلى ردود فعل مماثلة من بقية المكونات، وهو ما يعمّق المحاصصة، ويقضي نهائيًا على أي فرصة لقيام دولة مواطنة حقيقية.

 

الحل في المشروع الوطني وليس في الحزب الطائفي

 

العراق اليوم بحاجة إلى مشروع وطني حقيقي، وليس إلى حزب طائفي جديد. الحل لا يكون عبر تأسيس “حزب شيعي قوي”، بل عبر إعادة بناء الدولة على أسس المواطنة، والعدالة، والتنمية المستدامة. العراق لا يحتاج إلى تقسيم سياسي جديد، بل إلى وحدة حقيقية تنهي عهد المحاصصة، وتؤسس لحكم رشيد يحقق العدالة لكل العراقيين، بغض النظر عن طوائفهم أو قومياتهم.

 

إذا لم يحدث هذا التحول في التفكير، فإن العراق سيبقى يدور في نفس الدوامة، بلا استقرار ولا مستقبل واضح، وسيبقى الشعب يدفع ثمن صراعات سياسية لا ناقة له فيها ولا جمل.

أخبار مشابهة

صرخة غضب جماهيرية: إلى متى الصمت المخزي؟!

بغداد تايمز الكاتب العماني : خميس القطيطي لعلَّه النِّداء الأخير قَبل أن يلتهمَ المُجرِم...

لمن توجه أمريكا بوارجها وأساطيلها العسكرية.. لمصر أم لإيران؟ هجمة تتارية جديدة ولا عز بن عبد السلام لها.. على من سيكون الرهان للخلاص؟

بغداد تايمز حشود عسكرية غير مسبوقة تم إرسالها إلى منطقة الشرق الأوسط في الساعات الأخيرة، وهو...