مدير عام الوكالة ورئيس التحرير
علي محسن الفرهود

صحيفة ألمانية: ماذا لو لم يسقط صدام حسين؟

  • 392 مشاهدة
  • ديسمبر 22, 2015
صور-صدام-حسين-رئيس-العراق-صور

وكالة بغداد تايمز (بتا):

يلقي كثيرون باللائمة الآن على الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 لانتشار الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، لكن، كيف كان يمكن أن تبدو المنطقة لو لم يُطاح بالطاغية العراقي؟ الإجابة عن السؤال ترصده صحيفة “دي فيلت” الألمانية في التقرير التالي.

هكذا يبدو النصر، يد صدام النُحاسية اللون ترتفع في السماء لتحية الشعب وعيناه الجامدتان تجوبان بغداد، ولكن، عند أقدام التمثال الضخم في العاصمة العراقية، ظهر المئات يتظاهرون ويُحدثون أعمال شغب، على ارتفاع 100 م يُغطي ضابط بحرية أمريكي رأس الطاغية بعلم أمريكي.

———–

“لم تكن لتقوم ثورة عربية في العراق قط كتلك التي قامت في تونس ومصر اعتماداً على التظاهرات السلمية ووسائل الإعلام الاجتماعي ولكانت أية أعمال شغب لتتحول إلى حرب أهلية على الفور”
“المشكلات التي امتدت لأكثر من عقد مضى لحقيقة أن العلم الذي غطى رأس تمثال صدام لم يكن العلم العراقي”
———–

يُعزي قاسم الدشابوري الذي كان معارضاً للنظام وأمضى 21 في سجون صدام حسين، المشكلات التي امتدت لأكثر من عقد مضى لحقيقة أن العلم الذي غطى رأس تمثال صدام لم يكن العلم العراقي.

يقول الدشابوري: “تحت حكم صدام كنا ننعم بالأمن والأمان ونحظى بالماء والكهرباء والغاز، أما الآن فما من شيء سوى السرقة والنهب والقتل والعنف بين السُنَّة والشيعة”.

وفي أمريكا، توصل بعض العسكريين المخضرمين من العراق إلى النتيجة نفسها، وكذلك كثير من عسكريي ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، الذين استدعوا أحداث الغزو الأمريكي للعراق عام ،2003 باعتبارها أصل الفوضى العارمة التي تجتاح المنطقة الآن.

نشأة داعش
لم يكن هناك تفويض بالطبع من مجلس أمن الأمم المتحدة لأمريكا بعملية الغزو، وزعم الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش، أن صدام كان يتعاون مع تنظيم القاعدة وبحوزته أسلحة دمار شامل، لكن هذا الزعم لم يثبت على الإطلاق، إذ اختفى صدام من المشهد السياسي إثر الغزو مباشرة، لكن حمَّام الدم بدأ يتدفق بين المذاهب الإسلامية المتناحرة.

والآن هؤلاء النقاد أنفسهم يزعمون أن الدماء التي تنسال في سوريا، تُعزى مباشرة إلى الفوضى التي خلقتها الولايات المتحدة في العراق.

لكن هذا يفضي بنا لا محالة إلى سؤال أكثر مُبَاشَرة: “هل كان الموقف ليكون أفضل مما هو عليه لو ظل صدام في سدة الحكم؟”، لكي نجد إجابة عن هذا السؤال، يتعين علينا الشروع في دراسة الفترة السابقة للغزو الأمريكي.

بدأ الخبير بشؤون الشرق الأوسط والإسلام ويلفريد بوشتا، بزيارة العراق عام 1990، قبل الغزو الأمريكي بفترة طويلة، وبحسب تصريحه، كانت سياسة صدام حسين تفضي إلى هدم هياكل الدولة، إذ أدت الحرب ضد إيران في الثمانينيات، والغزو الفاشل للكويت وما ترتب عليه من تبعات، إلى فقدان العراق كل آمال التحديث والتطور.

ويفسر بوشتا أن “هذا المزيج من العناصر الشيوعية، علاوة على الزعم بتوحيد العالم العربي بالقوة إذا دعت الضرورة، فقد كل قوته وزخمه”، وكان على صدام السُنيّ الذي بسط سلطته على دولة شيعية، أن يبحث عن قاعدة جديدة لسلطته.

ولكن في العديد من قطاعات الدولة، كان فقد رونقه وسلطانه بالفعل، وفي الشمال أمَّنَ الأمريكان الحماية للأكراد من قنابل صدام إذ أقاموا منطقة حظر طيران، وفي الجنوب كان الشيعة يتعاونون مع جارتهم الراعية لهم إيران.

ربيع عربي عراقي؟
يقول بوتشا إنه دون غزو أمريكي للعراق “كان من الممكن أن يظل صدام رئيساً للعراق لعامين آخرين، لكنه لم يكن ليستعيد سلطانه على الأكراد والشيعة”.

ولكان صدام تجاوز السبعين من عمره بسنين عندما اندلعت ثورات ما يسمى الربيع العربي، من شمال إفريقيا وحتى الشرق الأوسط، وقيل إن أبناءه قساة جبارين، لكن خصالهم السياسة كانت محل شك، ويمكننا القول إن النظام العراقي كان من الممكن أن يكون ضعيفاً جداً خلال الثورات التي اندلعت عام 2011.

يقول بوتشا: “لم تكن لتقوم ثورة عربية في العراق قط كتلك التي قامت في تونس ومصر، اعتماداً على التظاهرات السلمية ووسائل الإعلام الاجتماعي، ولكانت أية أعمال شغب لتتحول إلى حرب أهلية على الفور”.

يشكك الباحث في أن طائفة متطرفة مثل تنظيم داعش كان يمكن أن تتوسع تحت حكم صدام، فقوتها هذه التي اكتسبتها ترجع نوعاً ما إلى سقوط الدكتاتور، وتُعزى أيضاً نوعاً ما للسياسات التي تبنتها القوات المُحتلة بقيادة أمريكية.

ويقول أحد الجمهوريين الخبراء بالإرهاب إن “مسؤولية أمريكا فيما يتعلق بنشأة تنظيم داعش وصعود نجمه، أمست أيضاً مسألة سياسية”، ويضف أن من دون الحرب التي شنها جورج دبليو بوش، ما كان تنظيم داعش ليخرج للنور أساساً، إن التنظيم السابق لتنظيم داعش في العراق هو نتاج حرب بوش.

خطأ أوباما
بدوره، يقول الدبلوماسي الأمريكي الأسبق إليوت أبرامز إنه عندما ترك بوش منصبه عام 2009، كان تنظيم داعش اجتز من جذوره، ويضيف: “إن هذا التنظيم ظاهرة تنتمي لعصر أوباما”.

ولعل الحقيقة تكمن في مكان ما بين الرأيين، إذ ساعدت حرب بوش على صعود نجم جماعة إرهابية بقيادة أبو مصعب الزرقاوي وتحولها تدريجياً إلى تنظيم داعش، وانسحاب أوباما السابق لأوانه من العراق عام 2011 سمح للجماعات الإرهابية بالانتشار سريعاً ودون أية عقبات.

ومع ذلك، فثمة عامل حاسم كان من الممكن أن يختلف دون حرب بوش في العراق، ألا وهو اختيار خلفه في البيت الأبيض، لكانت الأمور أفضل بكثير لهيلاري كلينتون أو جون ماكين طالما أن نصر أوباما كان مستنداً إلى حد كبير على الإنهاك الذي أصاب الجيش الأمريكي إثر الاحتلال الممتد والفوضى العارمة المتفشية في العراق.

الموقف في سوريا
لم تكن السعودية صديقة لصدام، لكن القلق كان يساورها دوماً من أن تقع دولته في أيدي الأغلبية الشيعية، وبذلك تتسع رقعة النفوذ الإيراني.

مرة أخرى، يشبه السيناريو الحرب السورية الحالية الجارية بالوكالة، فيما خلا فارق واحد مهم، في سوريا المواقف واضحة تماماً، فروسيا وإيران تدعمان النظام الحاكم بينما تتعاون دول الخليج والغرب مع الجماعات المتمردة المختلطة، وكلهم يحاربون تنظيم داعش نظرياً، لكن سيناريو العراق على الجانب الآخر أكثر تعقيداً، حيث إن كل طرف يواجه معضلته الخاصة.

العامة يدعون للسلم، لكن المساعدات المالية السرية وتدفق الأسلحة على جميع الجبهات كان التبعة المنطقية، هذا ما كان يحدث على مدار سنوات في سوريا، ولكن نظراً للمصالح المثيرة للجدل في العراق، من الممكن أن تستمر عمليات القتل وسفك الدماء لفترة أطول، مما يؤدي إلى تقسيم الدولة، ولو لم تطيح الولايات المتحدة الأمريكية بصدام عام 2003، فربما لكانت الحرب الأهلية مستمرة إلى الآن، لكن السؤال الملح اليوم هو: ألم يكن تنظيم داعش ليتوسع قط؟.

يقول المفكر العراقي كنعان مكية: “ربما لما كان تنظيم داعش ليظهر على الساحة، لكن ربما لظهر تنظيم شبيه، كانت الحرب تمثل فشلاً ذريعاً، ولا شك أن الأمريكان ارتكبوا كل الأخطاء التي تخطر على البال”.

وسرعان ما أردف مكية أن: “الأخطاء الأكبر على الإطلاق اقترفناها نحن العراقيون، وخاصةً الشيعة منا، إذ كانت الحرب الدينية ستودي بالسُنَّة لا محالة إلى أحضان تنظيم داعش”، وحتى نظرة التنظيم للعالم شارك في تشكيلها الشيعة.

وأضاف “ظهرت أيديولوجية نهاية العالم برمتها، التي تجعل تنظيم داعش يتعامل بقسوة شديدة هكذا مع خصومه بين الميليشيات الشيعية تحت حكم صدام حسين”.

وتصيب الحروب الشعوب بالجنون، إذ أظهرت سوريا كيف تتكاثر الجماعات المتطرفة وتمسي أقوى طالما امتدت الصراعات، وكان من الممكن أن تتحول حرب طائفية أخرى أطول أمداً في العراق إلى مأساة أكبر بكثير حتى في غياب تنظيم داعش، وفي وجود صدام حسين.

24- إعداد: طارق عليان

أخبار مشابهة

الأهوار تقتل مرة ثانية وجحيم الجفاف يتصاعد.. نزوح قرابة 3500 عائلة ونفوق أكثر من 700 رأس جاموس.. والحكومة تتفرج؟

بغداد تايمز بعد زيادة الخسائر في الأراضي الزراعية وانخفاض الخطة الزراعية بنسبة 50%، تراكمت...

السلة الغذائية.. انهاء لملف اثار الجدل ورضا من المواطنين

بغداد تايمز- منذ نحو سنة بدأت وزارة التجارة في اطلاق مشروع السلة الغذائية للمواطنين في مشروع...