وكالة بغداد تايمز (بتا):
امست عشائر في الرمادي، محاصرة ووحيدة امام تنظيم “داعش” الذي سيطر بالكامل على المدينة، عقب انسحاب كل التشكيلات العسكرية هناك، ووقوفهم في بلدات تقع خلف مواقع مقاتلي القبائل.
ونشرت العشائر التي لم يعد امامها خيار غير القتال، الآلاف من مقاتليها ونظمت استعراضا لقواتها في شرق الرمادي، فيما يتهم شيوخ عشائر في المدينة القوات الامنية باحباط المقاتلين، بسبب انسحابهم السريع من مواقعهم قبل ان يتعرضوا الى مواجهات جدية، ويبرر زعماء محليون انسحاب بعض العشائر المقاتلة في الرمادي بضعف تسليحها الذي يقتصر على البنادق الكلاسيكية الروسية (الكلاشينكوف)، امام قدرات عالية يمتكلها (داعش) الذي استخدم في هجومه على المدينة اسلحة ثقيلة ومدرعات مفخخة.
وسقطت مدينة الرمادي، مساء الاحد، في قبضة “داعش” بعد انسحاب القوات الحكومية من مواقعها بالمدينة، حسبما قال مسؤولون عراقيون، وانسحبت قوات الشرطة والجيش وسط حالة من الفوضى بعد أيام من القتال المكثف ضد مسلحي التنظيم المتطرف، غير أن الولايات المتحدة في تصريحات لمسؤوليها تقول إن الوضع في الرمادي “مائع”، وأن من السابق لأوانه تحديد الموقف في المدينة، وأمر رئيس الوزراء حيدر العبادي القوات بالتمسك بمواقعها، وقال إنه بصدد استدعاء مسلحي الحشد الشعبي للمشاركة في مساعي تحرير المدينة.
وسقوط الرمادي بعد صمود دام 17 شهرا امام محاولات متعددة لـ”داعش” من اقتحام المدنية، وضع العشائر هناك والسكان التي وجدت نفسها منفردة امام خيار القتال، حيث نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا تسجيليا يظهر افراد عشيرة البوفهد وهم ينظمون استعراضا عسكريا بالاسلحة التي تملكها اعلشيرة وبالعجلات المدنية، متوعدة بمقاتلة “داعش”.
ويقول شيخ قبيلة البو فهد رافع عبدالكريم الفهداوي ان “عشائر البو فهد في مناطق الخالدية، شرقي الرمادي، نشرت نحو 4 الاف مقاتل استعدادا لحماية مناطقها من هجوم (داعش)”، لكنه بالمقابل لايخفي “وجود حالة من خيبة الامل الكبيرة في صفوف العشائر” التي اكتشفت بانها بلا دعم.
ويتحدث الفهداوي عن تراجع معنويات مقاتلي البو فهد بعد ان انسحبت القوات الامنية هناك، وتنصلت الحكومة عن وعودها بتسليحهم ودعمهم، ويضيف الفهداوي ان “حالة فرار الجيش وقوات النخبة التي تملك الاسلحة الثقيلة ولدت حالة من اليأس بسبب عدم امتلاك العشائر الاسلحة التي تمكنها من مواجهة داعش منفردة”.
وبذل الفهداوي مع اتباعه جدها كبيرا في اقناع عناصر من (سوات) ومغاوير الفرقة الثامنة التابعة للشرطة الاتحادية في البقاء على مواقع الصد في منطقة (جوبية)، شرق الرمادي، ويقول “ما ان تعرضت هذه القوات الى اطلاق نار خفيف حتى تركت مواقعها”، ويؤكد شيخ عشيرة البو فهد بان اتباعه لازالوا يقاتلون لكهنم “فقدوا الثقة بالموسسة الامنية التي خذلتهم”.
وفقدت عشيرة البوفهد المئات من ابنائها خلال سنة ونصف صمدت فيها بمواجهة المسلحين، بحسب الفهداوي، كما تعرضت في اوقات كثيرة الى الجوع والارهاق اثناء حماية احياء الرمادي، بالمقابل لم تتسلم طوال تلك الفترة اسلحة ثقيلة، كما طلبت في اكثر من مناسبة، لمواجهة (داعش).
بالمقابل يقول شهود عيان من منطقة الخالدية، شرقي الرمادي، بان “داعش سيطرت على مناطق في حصيبة والجوبية وتتجه صوب الخالدية”، ويؤكد شهود العيان بأن “مقاتلي العشائر في تلك المنطقة جمعوا مالديهم من اسلحة ونظموا حائط صد”، بعد ان “انسحبت القوات الامنية نحو الحبانية”، وهي منطقة تقع الى الشرق من الخالدية، و”قوات الفرقة الذهبية، وهي قوات نخبة متخصصة في قتال الشوراع، اتجهت صوب الكيلو 35 القريب من مدينة النخيب التي لاتزال بيد القوات الحكومية”.
ويتحدث شهود العيان عن ان “تلك القوات شوهدت لاخر مرة في الساعة السادسة من مساء الاحد”، فيما بقت 6 همرات فقط تابعة للشرطة الاتحادية في منطقة حصيبة، “تختبئ كلما تعرضت الى اطلاق نار وتعود مرة اخرى للظهور”، ويتحدث السكان عن عمليات قتل واعدامات طالت نحو 200 شخص من البو علوان، بعد ان سيطرت “داعش” منذ الجمعة الماضية على مناطقهم، فيما رجح الشيخ عبد الكريم الفهداوي ان “يكون مقاتلو تلك العشيرة قد انسحبوا بعد نفاد عتادهم وسيطرة المسلحين على مناطقهم بالكامل”.
الى ذلك يجد احد الزعامات المحلية في المحافظة ان “تخلي بعض العشائر عن القتال نتيجة طبيعية لعدم حصولهم على السلاح والدعم”، ويقول حكمت سليمان وهو مستشار محافظ الانبار لـ”المدى” بان “عشائر الانبار مسلحون ببنادق كلاشينكوف، وتعرضوا الى هجمات بـ20 مدرعة عسكرية مفخخة قتلت العشرات منهم”، مشيرا الى ان تلك المفخخات استهدفت مقاتلي القبائل وليس القوات الحكومية، ويعتبر سليمان انه “ليس من الشجاعة مواجهة العدو بدون سلاح، وليس من العقل ان تتحول العشائر الى اهداف وهم لا يملكون الدعم”.
بالمقابل رفض نائب رئيس مجلس الانبار فالح العيساوي التعليق على دور العشائر في الرمادي في محاربة “داعش”، واكتفى بالقول ان “الايام المقبلة ستكشف من كان يقاتل ومن كان يدعي القتال”، كما تحدث العيساوي عن “مؤامرة” لم يكشف عن تفاصيلها، تعرضت لها القطعات التابعة للفرقة الذهبية و(سوات) في وسط الرمادي، ادت الى انسحابها، ملوحا بانها واجهت اطلاق النار في المدينة من جهات كانت تعتبر صديقة.