بغداد تايمز
بقلم عمر الناصر
السياسة الإيرانية، سواء كانت داخلية أو خارجية، تظل ثابتة رغم تغير الرؤساء، لأنها دولة مؤسسات تؤمن بالمركزية وتبتعد عن فلسفة تعدد مصادر القرار. هذا يمنحها قوة إضافية في مواجهة الخصوم، خصوصًا فيما يتعلق بالقضايا المرتبطة بالأمن القومي والعلاقات الدولية.
زيارة الرئيس بزشكيان إلى بغداد جاءت استجابة لدعوة رسمية من رئيس الوزراء السوداني، ومن المتوقع أن تكون ذات أهمية كبيرة مثل زيارات الرؤساء السابقين، في وقت يحتاج فيه العراق إلى دعم المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار السياسي في البلاد وفي منطقة الشرق الأوسط. تم خلال الزيارة مناقشة الملفات الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، وأبرزها أمن الحدود بين الجانبين، بالإضافة إلى التقارير الإيرانية التي تشير إلى نشاط الموساد في إقليم كردستان، في ظل الأوضاع الصعبة التي تشهدها المنطقة بسبب أزمة غزة. كما تم التطرق إلى تفعيل الاتفاقية الأمنية بين البلدين المتعلقة بتفكيك تجمعات الجماعات الكردية المعارضة، بالإضافة إلى رغبة طهران في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين من 10 مليارات دولار إلى 20 مليار دولار.
البعد الأيديولوجي العابر للحدود وقضايا الأمة المشتركة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، يمنح إيران دعمًا وقوة إضافية، وهو أمر مشروع وطبيعي. هذه من المرتكزات الأساسية التي تعتمد عليها السياسة الخارجية الإيرانية، حيث تتحرك استباقيًا للدفاع عن أراضيها وحقوقها القومية خارج الحدود، كما تفعل الدول الكبرى في الكثير من الأحيان. وهذا ما مكن إيران من كسب الحلفاء من خلال اتباع “سياسة أذرع الأخطبوط” لمواجهة إسرائيل والغرب.
العراق اليوم في أمس الحاجة إلى دعم إيران ودول المنطقة من أجل تعزيز “السيادة العراقية”، ليتمكن من لعب دور أساسي في الوساطة وحماية أمنه القومي والإقليمي، واستعادة مكانته الريادية التي كان يشغلها في فترات سابقة ضمن النفوذ العربي والإقليمي.
زيارة الرئيس بزشكيان شملت برنامجًا خاصًا تضمن زيارة العتبات المقدسة، واللقاء بطاقم السفارة الإيرانية في بغداد، بالإضافة إلى زيارة النصب التذكاري للجنرال قاسم سليماني. هذه الزيارة تعتبر رسالة رفض وامتعاض من إيران، وتؤكد على ثوابتها التي لا تتخلى عنها. استهداف شخصية رفيعة بهذا الحجم يُعد أمرًا مرفوضًا تمامًا.