كتابات: صانعوا الرجال .. راتبهم عشرة ريال ازهار عبيد

1 مارس، 2015
283
ازهار عبيد .. صانعوا الرجال .. راتبهم عشرة ريال

وكالة بغداد تايمز (بتا):
لا شك أن مهنة التدريس شاقة وهي من أشد المهن التي يعول عليها بصناعة البشر … روادها مميزون بقوة الشخصية والحكمة، وصدور رحبة وصبر . ومسلحين بالمعرفة على الأقل بمجال تخصصهم أو ( هكذا يفترض ) وتنفرد مهنة التدريس بميزتيين دون سواها.
أولها: أن المعلم يبقى معلم … والطلاب أغصان شجرته تمتد بكل الاتجاهات ومن جذور هذا المعلم يصير الطبيب والمهندس والمحامي ورجل الأعمال ويصير معلم آخر على خطى معلميه.
ثانيها : أن المعلم كلما زادت علميته وحرصه لحد الملل زاد محبوه ودام ذكره . أم أمير تدرس باعدادية الصناعة المسائية يعني مدرسة مهنية وهذه المهنة أقرب للرجال منها إلى النساء لكن هذه الست أجادت عملها بتفوق وجدارة هي متفانية و حريصة لدرجة مزعجة جدا على الأقل من وجهة نظر تلاميذها .. ومن ضمن طلابها شاب ( فلان ) كان يشتغل في الصباح عامل بالشورجة لان هو المعيل الوحيد لعائلته ويرتاد المدرسة بعد الظهر رغبة منه لإكمال تعليمه وهذا شيئ جميل فعلا.

 

بالصدفة يتضح أن اصحاب المحل الذي يعمل به الطالب فلان يعود الى اولاد عم المعلمة .. ومن باب الميانة والقرابة أولاد العم يتوسطون عند بنت عمهم السيدة الحنونة الطيبة يطلبون متوسلين بأم أمير على شطب جزء من غيابات فلان أو مساعدته بدرجة أو درجتين بالامتحان مراعاة لظروفه الخاصة لكن الست ما تمنح درجة بدون وجه حق وكأنه الدرجة فلوس تأبى الخروج من جيبها ولا تشطب غياب واحد وحسابها كان عسير وما يرحم مثل آمر سرية عسكرية .. ومثل ما الخدمة بالجيش العراقي يصنع زلم وأبطال وسواعد ما تنلوي … المعلم أيضا يصنع أبطال بس من نوع آخر يعول عليهم بلدنا.

 

استمر فلان مواظب على دوامه حتى ما ينفصل بسبب معلمته الشديدة وتخرج بعد مدة وراحت الدنيا بأهلها … اليوم الطالب فلان من أكبر تجار الشورجة واغناهم وأحيانا يخطف لحظات من وقته لام أمير بالذات بزيارة سريعة ..لأن منها بالذات تعلم أن أعظم أسباب النجاح هو الانضباط … وتعلم منها اي شئ يخصه لازم هو يرعاه بنفسه.

وكل درجة بخلت بيها المعلمة أم أمير عليه كانت مقابلها درجة يعلى بيها وينجح وكان هذا التحدي الأكبر أن فلان جعل من معلميه الأكبر منه بسنين ند وخصم بمنافسة للوصول . لا زال الطالب فلان انسان وفي ومثابر وجادود يزور المدرسة الي تخرج منها ومعلمته وهو راكب سيارته البرادو …. وام أمير بنفس مدرستها ونفس القسم وهي لليوم تركب الكيا وهي مفتخرة ونحن نفتخر بيها أكثر .. تحية للسيدة أم أمير … والسيدة أم فراس ….شقيقاتي حبيباتي أشهد بحق انتن صانعات أجيال وكل عام وانتن بخير … تحية لكل من ساهم في تعليمي من أول الألف حتى تخرجي ودخولي معترك الحياة … تحية لكل من تركت في نفسي أثرا جميلا … لكل من علمتني كيف اكون امرأة أنثى ….. أو رجلا وقت المحن …. سلاما لكل من خططت منه على دفاتري معلومة لا تنسى.