الحمد يكتب في ذكرى استشهاد أمير القلوب والعقول الشيخ غازي الحنش ٦ نيسان ٢٠٠٦

6 أبريل، 2022
382

بغداد تايمز

المرحوم أبو صباح كان حقيقة خلقا يمشي على الأرض وإذا أردنا ان نبين صفاته وسجاياه وفعاله وأخلاقه لا تسعها الكتب ولكننا سنذكر بعضا يسيرا منها .

أبو صباح كان عابدا صواما قواما بلا افراط ولا تفريط .. وسبحان الله عزفت نفسه في وقت مبكر منذ صباه عن مراتع اللهو ومواقع الحرام رغم كل مغريات الحياة ورغم أن ارتياد مراتع اللهو في ذلك الزمان كانت مقبولا من قبل المجتمع.

أبو صباح كان يملك وجاهة ربانية (كاريزما) فهو لم يكن متحدثا لبقا ولم يكن يحفظ الشعر أو يقول القصائد ولكن الله سبحانه وتعالى منحه وجاهة وهيبة فطرية فهو يفرض احترامه وتقديره على كل الناس من يعرفه ومن لا يعرفه … مرة ذهبت معه لمقابلة وزير الداخلية محمد زمام وكانت قاعة استعلامات الوزارة الكبيرة مليئة بالمراجعين من كل المحافظات وما أن دخل ابو صباح حتى قام بوجهه كل المراجعين لم يتخلف منهم أحد في منظر مهيب ما يزال ماثلا في ذاكرتي حتى اليوم … فهم لا يعرفونه حتما ولكنها الوجاهة الربانية ياسادتي !!!

التواضع والبساطة كانت أبرز صفاته.. روى لي والدي أحد المواقف عن تواضعه أن شرطي المرور طلب منه إجازة السوق أيام كان العراق دولة فيها قانون .. فاعتذر ابو صباح للشرطي وقال له أنه نسي الإجازة في البيت فخلى الشرطي سبيله ولم يكن يعرفه فما كان من أبا صباح إلا أن عاد إلى البيت وأخذ إجازة السوق وعاد إلى الشرطي وعرضها عليه أمام ذهول وحيرة الشرطي .

أبو صباح كان يكره المظاهر المسلحة ولا يقبل ان يسير أحدا خلفه حاملا السلاح حتى في أحلك الظروف وأخطرها .. فكان بعض الشباب يلحقون به أحيانا ويخبئون السلاح تحت الفروة أو العباءة وعندما يعلم بذلك كان ينهرهم ويزجرهم .

أ بو صباح كان جابرا للخواطر فأي شخص يأتي ويريد إثبات نسبه وعشيرته ولا يعرف وجهته كان يقول له انت منًا انت ابن عمي.

أبو صباح لم يكن يمثل عشيرة طي على ثقلها ومكانتها وإنما كان شخصية اجتماعية عامة تحظى بالقبول والإحترام من كل العشائر والطوائف والقوميات والديانات .. فكان ملك الجميع وملاذ الجميع بلا تفريق ولا تمييز.

ابو صباح استشهد ودفع حياته قربانا لمواقف وطنية ثابتة لم يتنازل عنها أبدا رغم المغريات والعقوبات التي مارسها المحتل وأعوانه …

ولكن بعض السذج من الناس يصورون استشهاده بأنه كان على أيدي صبية !!!! .. مجتزئين الحادث اجتزاء عن خلفياته وملابساته … وللحقيقة لا بد ان نوضح بعض المعلومات التي تعرض لأول مرة … بعد اعتقاله عام ٢٠٠٤ من قبل الأمريكان وتحطيم داره في الموصل وشقته في بغداد واعتقال أولاده واقاربه وكل من كان معه واستشهاد ابن عمه محمد عجيل الجلعو اثناء المداهمة .. وبعد سنة من اعتقاله في ابو غريب مارس الأمريكان المجرمون بعد اطلاق سراحه سياسة الترغيب والترهيب ضده وفي آخر استدعاء له من قبل قائد القوات الأمريكية في الموصل وبعد سجال تخلله قلة أدب من الأمريكي قال للشهيد : تضع عينك في عيني وركبتك تقابل ركبتي وعندما أقوم تقف وعندما أجلس تجلس فقال له الشهيد بحده عندما اقف سأذهب ولن اعود ولن تراني … عندما خرج من القاعدة الأمريكية قال له الذين حضروا اللقاء “وهم أحياء الآن” قالوا له … إن هذا الأمريكي قاتلك لا محال … فانظر ماذا تصنع… ويجب أن تغادر العراق !!! وكان المرحوم يدرك ذلك وقد حزم أمره على السفر ولكنهم عاجلوه فقتلوه قبل يوم أو يومين من سفره … تنفيذ عملية القتل بعد خروجه من صلاة الجمعة كان حتما من قبل الإرهابيين من عناصر القاعدة ولكن الأمر بالقتل كان من الأمريكان … وللتوضيح أكثر فإنه ومع تولي المجرم ابو عبدالله الشامي لما يسمى ولاية الموصل وابو بشرى للأمنية وسعد الراشدي لشؤون العشائر في تلك الفترة فقد تم تصفية نخبة خيرة من شيوخ العشائر ومنهم الشهيد الشيخ محمد الخليف الطائي أبو طلال والشهيد الشيخ محمد الكعود العبادي أبو زوبع والشهيد الشيخ غانم السبعاوي أبو ميسر وآخرين لا تحضرني أسمائهم وعدد من رجال الدين المعروفين وبعض الشخصيات الموصلية المرموقة … كما قاموا بتصفية بعض أمراء الكتائب من جيش المجاهدين والجيش الاسلامي وكتائب ثورة العشرين وبعض الفصائل الوطنية تحت شعار ” تبايع او تقتل” وحتى الذين بايعوا شكلا لم يسلموا من القتل…. وعلى حين غرة اختفى ابو عبدالله الشامي وابو بشرى ومعهم مبالغ مالية كبيرة ولم يعرف مصيرهم ويقال بأن طائرة أمريكية أقلتهم إلى جهة مجهولة ويقال ايضا أنهم توجهوا الى سوريا في حينها.

نسرد هذا لنبين حقيقة ارتباط القاعدة والدولة اللا اسلامية وداعش بالأمريكان المحتلين المجرمين لمن كان وما يزال حتى اليوم يشكك بتلك العلاقة وذاك الارتباط !!!

يقال “الخلف مامات ” .. وبفضل الله فإن أخي الأمير صباح أبو راكان والأمير صداع أبو فهد وكل آل حنش يقودون المسيرة بكل حكمة وحنكة على خطى المرحوم أبو صباح برغم المصاعب والمحن والمطبات والظروف الصعبة المعقدة التي تحتاج الى توازنات دقيقة .. فهم يؤلفون القلوب ويجمعون شمل العشيرة في الجنوب والوسط والشمال ويأتلفون مع العشائر الأخرى على وحدة العراق وكرامة العراقيين.

( أعتز كثيرا بالبوستر الذي في الصورة أدناه الذي كتبته وصممته وطبعته بعد استشهاد المرحوم وأفرح عندما أراه معلقا في الدواوين في عمان والمحافظات كافة … وفاء مني لشيخي وقدوتي ورفيق والدي الذي كان يعاملني كواحد من أبنائه الشيخ المرحوم غازي الحنش)

إلى عليين ومنازل النبيين والصديقين والشهداء يا أبا صباح وأسكنك الله الفردوس الأعلى .. بحق هذه الأيام المباركات من رمضان وبجاه محمد عليه الصلاة والسلام وآل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين.

 

الكاتب

موفق الحمد

التصنيفات : كتابات